إن مصطلح الحضارة ذو صلة بمصطلحين آخرين هما : «المدنية» و»الثقافة»؛ «فأما المدنية فتتقارب الآراء حولها بين محورين: محور يرى أنها تحصيل الرقي في الجوانب المادية والعملية الصناعية والزراعية وغيرها من أمور المعاش، أما المحور الثاني فيرى أن المدنية مفهوم اصطلاحي مرادف للحضارة، فهما بمعنى واحد عند هؤلاء، أي أن المدنية تضم بين جناحيها الجوانب المادية والمعنوية معًا». وأما الثقافة فمصطلح محل خلاف على الدوام.
ويرجح الدكتور عبد الحليم عويس عدم وجود تعارض بين «الثقافة والحضارة والمدنية»؛ إذ تمثل مجتمعة «مصدر الرقي الإنساني … وكل ما يعارضها هو جهل وتخلف؛ حتى ولو تلفع بأردية براقة تستر ما وراءه من فكر أو سلوك يتسم بضحالة لا تليق بإنسانية الإنسان وسموه الفكري والروحي».
ويمكن الوصول إلى مستخلص يصل «الثقافة بالناحية الروحية والمعنوية»، ويصل المدنية « بالنواحي العلمية والعمرانية»، «وأن الحضارة تشملهما؛ فالحضارة جامع للثقافة والمدنية»، فالترابط قائم وقوي بينها، و»التركيز على جانب وإهمال الآخر يؤدي إلى ضمور الحضارة وبداية انهيارها».
وفي قصة الحضارة يصف ويليام ديورانت الحضارة بأنها «نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي»، وتتألف الحضارة عند ديورانت من عناصر أهمها الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الأخلاقية، والعلوم والفنون.
ويحدد نقطة بداية الحضارة على أنها «حيث ينتهي الاضطراب والقلق، لأنه إذا ما أمِنَ الإنسان من الخوف، تحررت في نفسه دوافع التطلع وعوامل الإبداع والإنشاء، وبعدئذ لا تنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمضي في طريقه إلى فهم الحياة وازدهارها