الحلو المر
الأب يمكث بجوار أبنه و نظرات الحسرة والألم تعتصره ، والعبرات تنهمر من عينيه كأنها سيل كان محبوس وراء الأحجار وتحرر ، ويتمنى من الله شفائه و شعوره بالذنب يمتلأه ،ودخلت الأم تحاول المواساة عنه ،ولكنه قد ذهب في عالم أخر فقد عاد به الزمن للوراء ومر به شريط ذكرياته أمام عينيه كأنه شريط سينمائي وأخذ يتذكر طفولته ، تذكر والدته التي كانت تفرط في دلعها له كانت لا تحاسبه على أخطائه مهما كانت كبيرة ، كانت تعطيه كل ما يطلبه من المال ،ولما لا فقد كان طفلا وحيدا لأسرة ميسورة الحال , والأب منشغل فى عمله , والأم فى النادى لذا كانت تحاول تعويضه بالمال حتى وصل لسن المراهقه وتُوفى الأب , وصفََت الأم ممتلكاته ووضعتها فى وديعه باسمه , وازدادت أكثر فى دلعه اعتقادا منها بأنها هكذا تعوضه عن فقدان الأب ولكن ما كان يحدث كان الأسواء حيث نمت لديه صفات غير حميده مثل عدم تحمل المسئولية والأعتماد على الغير لتلبية طلباته ونمى لديه أيضا الاستهتار , وأثناء استرجاع الأب لهذه الذكريات شعر بدفء وحنان يقترب منه ويهون عليه وهى زوجته فأخذ ُيقبل يدها ويترجاها بأن تسامحه على ما أقترف من خطأ فى حقها وهى ُتهون عليه وفى ظل هذا راودته مرة ثانيه شريط ذكرياته أمام عينيه المليئتان بالدموع وتذكر أثناء دخوله الجامعه عندما قابل زوجته لأول مره , كانت فتاة جميله متفوقه فى دراستها تلفت انتباه كل من حولها وهو الشاب الغنى الوسيم الذى تتهافت عليه الفتيات وعندما وقعت عينيه عليها لأول مره تلاقت الأعين فى الأعين كان أثناء شجارهما لأنه كان سيدهسا بسيارته فعندما نزل من السياره ليطمئن عليها نظر لعينيها وهى تتشاجر معه فهو كان شاب متهور مسرع فى السير وأثناء محاولته ترضيتها كان أيضا يعاكسها فصدته وتركته وذهبت بعد أن علقته بها وأخذ يسأل عنها حتى عرف كل شىء عنها وحاول التقرب منها وفى كل مره كانت تصده لأنها كانت تعرف أخلاقه جيدا فلم يكن ما يكنه لها هو الحب بل هى كانت تشبه اللعبه التى عجبته ويحاول الحصول عليها بشتى الطرق ظل كذلك حتى أوقعها فى حبه وقررا الزواج , وبالفعل تمت الزيجه ولكن بعد العشره وجدت أنه شاب مستهتر ُمرفه لا يحبها بل كانت كاللعبه التى يرغب فيها الطفل بشده وعندما كانت تشتكى لأمه كانت ُتنصف أبنها . ولما لا فهو الطفل المدلل وكانت تقول لها أنها هى سبب المشاكل لأنها لا تعرفه جيدا ولا تعرف كيف تلبى طلباته وازداد الأمر سوءا بينهما عندما علمت بأنه يشرب الخمر ويلعب القمار حتى وصل الامر إلى الطلاق إلا أنهما علما بأمر حملها فأعتقدت أن الحمل وأنجاب طفل سيغيره ويعلمه تحمل المسئولية ويرجعه عن طريقه إلا أنها كانت واهمه لأن ذلك لم يؤثر فيه حتى بعدما أنجبت طفلا جميلا إلا أنه كلما كانت تعارضه وتحثه على العمل من أجل أبنهما وتقول له بأن المال الذى بحوزتهما سيأتى له يوم وينفذ إلا أنه لم يصغى لها بل كان يضربها وظل هكذا وهى كانت تتحمل من أجل أبنها , وأخذت تُربيه على العفه والفضيله التى عجزت فى أن تغرسها فى زوجها وبعد أعوام ُتوفيت الجدة وأعتقدت الزوجه بأنه بعد وفاتها سيتعلم تحمل المسئوليه إلا أنها كانت حالمه فالعكس هو ما حدث فقد أزداد الأمر سوءا فى شرب الخمر لأنها كانت بالنسبه له هى مصدر الحنان الوحيد فأخذ يشرب ويشرب حتى أصبح لا يفارقه كأس الخمر من يديه وكان لا يستحى من تناوله أمام أبنه, وظلت السنين تتوالى ……. وهو على هذا الحال فاشل فى عمله , فكان كلما يقوم بمشروع يخسر فيه بسبب استهتاره , وظل الحال أسوأ فأسوأ حتى بعد دخول أبنه الجامعه لم يخش من أن ابنه فى مرحلة المراهقه وقد يقلده ولكن بوقوف الام خلف ابنها كانت تحثه على الصلاه وكان شديد الإيمان والورع , وكان يحاول أن يوعظ ابيه إلا أن أبيه كان يوعده بالإقلاع ولكن سرعان ما يعود لما عليه رغم حبه الشديد لأبنه إلا انه لم يفلح هو الاخر معه , وفى أحد الأيام كان الأب مفرط فى الشراب وكعادته عائد للبيت فى وقت متأخر قرابة الفجر وكعادة ابنه يذهب لصلاة الفجر بعد أن توقظه أمه وتُقبله وتدعوا له ولكن فى هذا اليوم وهى توقظه شعرت بقبضه قويه فى قلبها ولكنها استعاذت بالله من الشيطان وأوقظته وهى قلقه وأثناء ذهاب الابن للجامع وكان قرب المنزل كان الأب سائق سيارته المسرعه و كان بحاله مزريه لدرجة أنه لا يستطيع رؤية ما أمامه لذا لم يستطع تجنب شاب كان يمر فى الشارع ذاهب للصلاه أما الثانى عائد من المنكر وصدمه صدمه قويه وبعد ان تركل من سيارته ليرى الشاب وعندما نظر إليه إذ أصابته صدمه شديدة بعد أن علم أن هذا الشاب هو أبنه الوحيد والذى لا يحب سواه،وفى أثناء تذكره ذلك إذ بصعقة كبرى تنتابه أعادته من شريط ذكرياته ووجد ابنه لا يزال بجواره فاقد الوعى بين الحياة والموت بسببه والأم تقرأ القرأن وتدعى الله كى يشفى أبنها فنظر إليهما وظل يبكى ويبكى لا يكاد يرى من كثرة الدموع المنهمره نادما على ما حدث منه وأخذ يكلم أبنه ويوعده هو وزوجته بأن سيتغير كما وعده سابقا ولكن تلك المرة ستكون جدية ، ولكن كان بعد فوات الأوان , وأثناء كلامه إذ بحركه فى عين أبنه وعبره تخرج من عينيه على خده وأخذ يفتح جفنه ولم تكد سعادة الأب تفوق الوصف بسلامة ابنه إذ نزل على الأرض وسجد شكرا لله وترجى ابنه لكى يسامحه ووعده بأنه سيتغير وسيغير حياته ويعوضه هو وأمه عن سنوات الضياع السابقه وستكون الأيام القادمه أجمل ………
وهكذا تجمع شمل الأسرة وعوض الله صبر تلك المرأة التقية خيرا فأصبر وما صبرك إلا بالله …….