اكتشافات أثرية جديدة في العلا
د. عبدالعزيز بن سعود الغزي
محافظ محافظة العلا الأستاذ أحمد بن عبدالله السديري، رجل يحب الخير ويهوى الإنجازات ومن المغرمين بالتاريخ والآثار، وذات مرة كنت أحادثه فأخذ بحديثه يشوقني إلى زيارة محافظة العلا ويغريني من خلال الحديث عن آثارها التي سبق أن زرتها قبل أربعة وعشرين عاماً يوم كنت عام 1401هـ طالباً في جامعة الملك سعود (كلية الآداب) قسم الآثار والمتاحف، ولكن الحق انني نسيت ما شاهدت يومذاك أو أنني لم أر آنذاك ما يكفي. ويُكثر زميلنا الدكتور عبدالله نصيف الحديث عن آثار المحافظة مما يجعل جليسه يتشوق إلى رؤيتها. وفي العام الماضي طلب مني زميلي الأستاذ الدكتور سعيد بن فايز السعيد رئيس قسم الآثار والمتاحف أن أتولى الإشراف على حفرية الجامعة في موقع الخربية فلم أحس بالرغبة تجاه ذلك لأني قد كبرت وبدأ الحماس يذوي والمشاغل تكثر. أعاد عليّ الطلب في هذه السنة حسن ظن منه في شخصي الضعيف ولكني لم أجد الرغبة أيضاً، ولكنه أصر هذه المرة عليّ أن أشارك في الحفرية حتى ولو لوقت قصير من أجل أن أرى الموقع وأقف عليه وأمسح منطقة الأفران التي تكثر فيها الكسر الفخارية التي أنا عضو في لجنة دراستها، فاستجبت لطلبه خجلاً منه وتقديراً لثقته بي ولانه لازم عليّ علمياً أن أقوم بما طلب فقمت به ولحسن حظي أن زميلي وصديقي الدكتور مشلح بن كميخ المريخي كان في الموقع يشرف على حفرية المابيات مدة بقائي فيه فشجعني على الاستكشاف بعد انتهاء عمل الحفرية الرئيسي، فقمت بصحبته في استكشاف عدد من الأماكن فوقفنا على عدد من المواقع التي أظن أنها تعرف لأول مرة وفي السطور التالية سوف أتحدث عن بعض منها.
وقبل الحديث يجب أن أشير إلى إنجاز يُعد من الانجازات التي يجب أن يشاد بها، وذلك الإنجاز هو إنجاز الخط المزفلت عبر السلسلة الجبلية التي تقود إلى قمة حرة عويرض على ارتفاع شاهق مما مكن عامة الناس من الصعود إلى ظهر الحرة ومشاهدة ما يوجد عليها وربما قاد إلى إنشاء منتزه سياحي للسكان المقيمين وللزائرين، وفعلاً بدأت الاستعدادات لإقامة ذلك المنتزه.
ومن الاستكشافات الجديدة التي أرى أنها تستحق الاهتمام من قبل الجهات المسؤولة عن الآثار في بلادنا الغالية، ومن قبل محافظ محافظة العلا مستوطنة ضخمة مازال سورها باقيا إلى اليوم تقع على حافة ظهر حرة عويرض وتطل على وادي العلا من ناحية الغرب وغير بعيدة عن المنتزه الجديد باتجاه الجنوب.
بدأت قصتنا مع هذا الكشف بصعودنا الحرة مع الخط المزفلت وكان الوقت عصراً، وكان زميلي د.مشلح المريخي يقود السيارة وأنا أتلفت مرة إلى اليمين ومرة إلى اليسار وإذا بي أشاهد عدداً من الدوائر الحجرية على يسار الخط المزفلت وعلى يمينه فطلبت من د.مشلح التوقف لنرى إن كان ما نشاهد من صنع الدركتر الذي استخدم في مسح الخط المزفلت أم أنه من بقايا الإنسان القديم. وبعد معاينة الدوائر تبين أنها من صنع الإنسان وجميعها مفرغة من الادخل أي أنها غير مركومة في الأصل ولها مساحة خالية وارتفاع الدائرة يتجاوز المترين في الأصل مما جعلنا نظن أنها أماكن إقامته. وأنها تقع في ثلاثة أنماط هي: دوائر مركبة أي أنها تتكون من أكثر من دائرة ومترابطة بجدرانها وعددنا واحدة منها فوجدناها تتكون من ثماني دوائر أي بمثابة وحدات سكنية مما يعني أن مجموعة الدوائر تكون منزلاً مكوناً من عدة أجزاء أو ربما عدة منازل، كل منزل تكونه دائرة واحدة وهذا أمر طبيعي في العصور القديمة حيث نجد حتى وقت قريب أن كل أسرة تسكن في غرفة واحدة، أي عشة واحدة.
أما النوع الثاني فهو عبارة عن دوائر حجرية لها ذيل طويل يتكون من رتب مبنية بحجارة مرصوصة رصاً جيداً لايزال بعضها يحتفظ بشكله الأصلي.
ويتمثل النوع الثالث بالدوائر المفردة والتي تتكون من دائرة واحدة لا ذيل لها وهي مثل النمطين السالفي الذكر من حيث الاستدارة ومن حيث فراغ الحيز الداخلي.
وبعد أن أقبلنا على المنتزه نظرت إلى اليمين والسيارة تتجه ناحية الشرق لأرى من على بعد جدار ظننت لأول وهلة أنه جدار دائرة ضخمة قياساً بما شاهدت في مواقع سبق أن زرتها في مناطق المملكة العربية السعودية المختلفة. توجهنا إلى الجدار وعند اقترابنا تبين لنا أننا أمام سور مستوطنة ضخمة تقع على حافة الحرة الشرقية المطلة على وادي العلا. يحيط بالمستوطنة سور ضخم من ثلاث جهات ومن الجهة الشرقية يتوفر للمستوطنة حماية طبيعة ولذا فالسور في هذه الجهة مزود بأبراج من ناحية الشمال ومبنى كبير عبارة عن مسكن يتكون من عدة وحدات من ناحية الجنوب والمستوطنة بهذه النمطية تشابه مستوطنة تيماء التي يطوقها السور من ثلاث جهات، بينما تحدها بحيرة من الجهة الرابعة وتستند بعض المركبات المعمارية مثل قصر الحمراء إلى السور مباشرة. وعلى امتداد السور توجد جدران تنطلق من جدار السور لمسافة ثلاثة أمتار أو أربعة وكأنها تعمل على دعم السور ليبقى واقفاً. ويوجد في أركان السور دوائر حجرية ضخمة تمثل امتداداً للسور ووضع لها قاطع يعزلها عن المساحة التي يكونها السور وزودت جدرانها بفتحات من جميع الجهات أظن أنها للسماح للهواء بالمرور مما يؤكد استخدامها للإقامة. وفي داخل السور يوجد بقايا منزل مازال يحتفظ بجزء من جدرانه قائمة حتى الآن. ويوجد للمستوطنة عدة أبواب منها باب منحرف يقع في الجهة الجنوبية يصلها بالوادي عبر جادة جبلية طويلة ووعرة وضيقة جداً لا تسمح لأكثر من إنسان أو دابة للمرور في الوقت الواحد. تنحدر الجادة من قمة الحرة المطلة على وادي العلا عبر خط متعرج تساير عدة جبال الواحد يعلو الآخر إلى أن تصل إلى بطن الوادي. رأينا الجادة من الأعلى ولم نخاطر لنسير عليها وعليه نعتقد أنها تشتمل على إنشاءات خاصة بالجواد الجبلية تنتظر من يكتشفها. ويوجد بالإضافة إلى ما ذكر عدة طرق داخل السور مرصوفة بحجارة من حجارة الحرة وتربط بين المنشآت القائمة في داخله والتي زال بعضها، وبعضها لايزال قائماً في مكانه.
ومن المواقع الأخرى التي عثرنا عليها خلال تجولنا في ما حول مدينة العلا موقع للدوائر الحجرية يقع في حرة تقع على يسار الخط المزفلت للذاهب إلى مدائن صالح، فعند نقط ما يفرق الخط إلى هجرة «شلال» التي تبعد عن الخط المزفلت بسبعة كيلومترات، وإليها الخط مزفلت، ومنها يبدأ خط يتجه ناحية الشمال ولكنه متعرج ومعبد تعبيداً غير جيد يخترق أودية الحرة لمسافة سبعة كيلومترات ليصل إلى واد ضيق تقوم فيه الدوائر الحجرية وإلى جانبها تقوم مزرعة صغيرة قليلة الشجر والنبات. تشابه الدوائر الحجرية هنا الدوائر الحجرية التي عُثر عليها في حرة عويرض، وتشتمل على دوائر مركبة وفردية وذات ذيول. وعلى أكتاف الجبال المحيطة بالوادي توجد رجوم مركومة. والجميل في هذا الوادي أن القائمين على المزرعة أقاموا لها غرفا دائرية سقفوها بألواح خشبية والبعض لها حمى أو ما نسميه «حوش» مسيج بالحجارة وغير مكشوف وهي شبيهة بأنماط الدوائر القديمة. ولا شك أن الإنسان يتحير في تفسير اختيار الإنسان لموقع وعر كهذا الموقع لإقامة منشآته فيه وربما أن البحث عن الأمن هو السبب نظراً لتوفر الحماية الطبيعية له من ثلاث جهات على الأقل.
واستناداً إلى ما مرّ أرى أن على الجهات المسؤولة أن تهتم بهذه الآثار لعدة أسباب منها كون موقع المستوطنة المسورة القائم على حافة حرة عويرض من المواقع القليلة التي تظهر بحجم كبير ومزودة باستراتيجية حماية حققها اختيار الموقع على حافة جبلية وتحصينه من الجهات الثلاث الباقية وتزويده بأبراج مراقبة واقعة في سور المستوطنة وأبراج خارجية منفردة ومرتبطة بالمستوطنة بجواد معبدة تراقب جهات متعددة. وبحجمها وموقعها تشكل المستوطنة المسورة معلماً من معالم السياحة المهمة في محافظة العلا.
كما نجد أن موقع الدوائر الحجرية الآخر يجمع منشآت قديمة تقوم إلى جانبها منشآت معاصرة ولكنها أكثر شبه بالمنشآت القديمة وهي بهذه النمطية مفيدة غاية الفائدة لفهم الأسباب المسيرة للإنسان في اختيار مكان إقامته وطريقة تشييد منشآته.
مستوطنة ضخمة بسورها ومرافقها الدفاعية على حافة حرة عويرض
د. عبدالعزيز بن سعود الغزي
محافظ محافظة العلا الأستاذ أحمد بن عبدالله السديري، رجل يحب الخير ويهوى الإنجازات ومن المغرمين بالتاريخ والآثار، وذات مرة كنت أحادثه فأخذ بحديثه يشوقني إلى زيارة محافظة العلا ويغريني من خلال الحديث عن آثارها التي سبق أن زرتها قبل أربعة وعشرين عاماً يوم كنت عام 1401هـ طالباً في جامعة الملك سعود (كلية الآداب) قسم الآثار والمتاحف، ولكن الحق انني نسيت ما شاهدت يومذاك أو أنني لم أر آنذاك ما يكفي. ويُكثر زميلنا الدكتور عبدالله نصيف الحديث عن آثار المحافظة مما يجعل جليسه يتشوق إلى رؤيتها. وفي العام الماضي طلب مني زميلي الأستاذ الدكتور سعيد بن فايز السعيد رئيس قسم الآثار والمتاحف أن أتولى الإشراف على حفرية الجامعة في موقع الخربية فلم أحس بالرغبة تجاه ذلك لأني قد كبرت وبدأ الحماس يذوي والمشاغل تكثر. أعاد عليّ الطلب في هذه السنة حسن ظن منه في شخصي الضعيف ولكني لم أجد الرغبة أيضاً، ولكنه أصر هذه المرة عليّ أن أشارك في الحفرية حتى ولو لوقت قصير من أجل أن أرى الموقع وأقف عليه وأمسح منطقة الأفران التي تكثر فيها الكسر الفخارية التي أنا عضو في لجنة دراستها، فاستجبت لطلبه خجلاً منه وتقديراً لثقته بي ولانه لازم عليّ علمياً أن أقوم بما طلب فقمت به ولحسن حظي أن زميلي وصديقي الدكتور مشلح بن كميخ المريخي كان في الموقع يشرف على حفرية المابيات مدة بقائي فيه فشجعني على الاستكشاف بعد انتهاء عمل الحفرية الرئيسي، فقمت بصحبته في استكشاف عدد من الأماكن فوقفنا على عدد من المواقع التي أظن أنها تعرف لأول مرة وفي السطور التالية سوف أتحدث عن بعض منها.
وقبل الحديث يجب أن أشير إلى إنجاز يُعد من الانجازات التي يجب أن يشاد بها، وذلك الإنجاز هو إنجاز الخط المزفلت عبر السلسلة الجبلية التي تقود إلى قمة حرة عويرض على ارتفاع شاهق مما مكن عامة الناس من الصعود إلى ظهر الحرة ومشاهدة ما يوجد عليها وربما قاد إلى إنشاء منتزه سياحي للسكان المقيمين وللزائرين، وفعلاً بدأت الاستعدادات لإقامة ذلك المنتزه.
ومن الاستكشافات الجديدة التي أرى أنها تستحق الاهتمام من قبل الجهات المسؤولة عن الآثار في بلادنا الغالية، ومن قبل محافظ محافظة العلا مستوطنة ضخمة مازال سورها باقيا إلى اليوم تقع على حافة ظهر حرة عويرض وتطل على وادي العلا من ناحية الغرب وغير بعيدة عن المنتزه الجديد باتجاه الجنوب.
بدأت قصتنا مع هذا الكشف بصعودنا الحرة مع الخط المزفلت وكان الوقت عصراً، وكان زميلي د.مشلح المريخي يقود السيارة وأنا أتلفت مرة إلى اليمين ومرة إلى اليسار وإذا بي أشاهد عدداً من الدوائر الحجرية على يسار الخط المزفلت وعلى يمينه فطلبت من د.مشلح التوقف لنرى إن كان ما نشاهد من صنع الدركتر الذي استخدم في مسح الخط المزفلت أم أنه من بقايا الإنسان القديم. وبعد معاينة الدوائر تبين أنها من صنع الإنسان وجميعها مفرغة من الادخل أي أنها غير مركومة في الأصل ولها مساحة خالية وارتفاع الدائرة يتجاوز المترين في الأصل مما جعلنا نظن أنها أماكن إقامته. وأنها تقع في ثلاثة أنماط هي: دوائر مركبة أي أنها تتكون من أكثر من دائرة ومترابطة بجدرانها وعددنا واحدة منها فوجدناها تتكون من ثماني دوائر أي بمثابة وحدات سكنية مما يعني أن مجموعة الدوائر تكون منزلاً مكوناً من عدة أجزاء أو ربما عدة منازل، كل منزل تكونه دائرة واحدة وهذا أمر طبيعي في العصور القديمة حيث نجد حتى وقت قريب أن كل أسرة تسكن في غرفة واحدة، أي عشة واحدة.
أما النوع الثاني فهو عبارة عن دوائر حجرية لها ذيل طويل يتكون من رتب مبنية بحجارة مرصوصة رصاً جيداً لايزال بعضها يحتفظ بشكله الأصلي.
ويتمثل النوع الثالث بالدوائر المفردة والتي تتكون من دائرة واحدة لا ذيل لها وهي مثل النمطين السالفي الذكر من حيث الاستدارة ومن حيث فراغ الحيز الداخلي.
وبعد أن أقبلنا على المنتزه نظرت إلى اليمين والسيارة تتجه ناحية الشرق لأرى من على بعد جدار ظننت لأول وهلة أنه جدار دائرة ضخمة قياساً بما شاهدت في مواقع سبق أن زرتها في مناطق المملكة العربية السعودية المختلفة. توجهنا إلى الجدار وعند اقترابنا تبين لنا أننا أمام سور مستوطنة ضخمة تقع على حافة الحرة الشرقية المطلة على وادي العلا. يحيط بالمستوطنة سور ضخم من ثلاث جهات ومن الجهة الشرقية يتوفر للمستوطنة حماية طبيعة ولذا فالسور في هذه الجهة مزود بأبراج من ناحية الشمال ومبنى كبير عبارة عن مسكن يتكون من عدة وحدات من ناحية الجنوب والمستوطنة بهذه النمطية تشابه مستوطنة تيماء التي يطوقها السور من ثلاث جهات، بينما تحدها بحيرة من الجهة الرابعة وتستند بعض المركبات المعمارية مثل قصر الحمراء إلى السور مباشرة. وعلى امتداد السور توجد جدران تنطلق من جدار السور لمسافة ثلاثة أمتار أو أربعة وكأنها تعمل على دعم السور ليبقى واقفاً. ويوجد في أركان السور دوائر حجرية ضخمة تمثل امتداداً للسور ووضع لها قاطع يعزلها عن المساحة التي يكونها السور وزودت جدرانها بفتحات من جميع الجهات أظن أنها للسماح للهواء بالمرور مما يؤكد استخدامها للإقامة. وفي داخل السور يوجد بقايا منزل مازال يحتفظ بجزء من جدرانه قائمة حتى الآن. ويوجد للمستوطنة عدة أبواب منها باب منحرف يقع في الجهة الجنوبية يصلها بالوادي عبر جادة جبلية طويلة ووعرة وضيقة جداً لا تسمح لأكثر من إنسان أو دابة للمرور في الوقت الواحد. تنحدر الجادة من قمة الحرة المطلة على وادي العلا عبر خط متعرج تساير عدة جبال الواحد يعلو الآخر إلى أن تصل إلى بطن الوادي. رأينا الجادة من الأعلى ولم نخاطر لنسير عليها وعليه نعتقد أنها تشتمل على إنشاءات خاصة بالجواد الجبلية تنتظر من يكتشفها. ويوجد بالإضافة إلى ما ذكر عدة طرق داخل السور مرصوفة بحجارة من حجارة الحرة وتربط بين المنشآت القائمة في داخله والتي زال بعضها، وبعضها لايزال قائماً في مكانه.
ومن المواقع الأخرى التي عثرنا عليها خلال تجولنا في ما حول مدينة العلا موقع للدوائر الحجرية يقع في حرة تقع على يسار الخط المزفلت للذاهب إلى مدائن صالح، فعند نقط ما يفرق الخط إلى هجرة «شلال» التي تبعد عن الخط المزفلت بسبعة كيلومترات، وإليها الخط مزفلت، ومنها يبدأ خط يتجه ناحية الشمال ولكنه متعرج ومعبد تعبيداً غير جيد يخترق أودية الحرة لمسافة سبعة كيلومترات ليصل إلى واد ضيق تقوم فيه الدوائر الحجرية وإلى جانبها تقوم مزرعة صغيرة قليلة الشجر والنبات. تشابه الدوائر الحجرية هنا الدوائر الحجرية التي عُثر عليها في حرة عويرض، وتشتمل على دوائر مركبة وفردية وذات ذيول. وعلى أكتاف الجبال المحيطة بالوادي توجد رجوم مركومة. والجميل في هذا الوادي أن القائمين على المزرعة أقاموا لها غرفا دائرية سقفوها بألواح خشبية والبعض لها حمى أو ما نسميه «حوش» مسيج بالحجارة وغير مكشوف وهي شبيهة بأنماط الدوائر القديمة. ولا شك أن الإنسان يتحير في تفسير اختيار الإنسان لموقع وعر كهذا الموقع لإقامة منشآته فيه وربما أن البحث عن الأمن هو السبب نظراً لتوفر الحماية الطبيعية له من ثلاث جهات على الأقل.
واستناداً إلى ما مرّ أرى أن على الجهات المسؤولة أن تهتم بهذه الآثار لعدة أسباب منها كون موقع المستوطنة المسورة القائم على حافة حرة عويرض من المواقع القليلة التي تظهر بحجم كبير ومزودة باستراتيجية حماية حققها اختيار الموقع على حافة جبلية وتحصينه من الجهات الثلاث الباقية وتزويده بأبراج مراقبة واقعة في سور المستوطنة وأبراج خارجية منفردة ومرتبطة بالمستوطنة بجواد معبدة تراقب جهات متعددة. وبحجمها وموقعها تشكل المستوطنة المسورة معلماً من معالم السياحة المهمة في محافظة العلا.
كما نجد أن موقع الدوائر الحجرية الآخر يجمع منشآت قديمة تقوم إلى جانبها منشآت معاصرة ولكنها أكثر شبه بالمنشآت القديمة وهي بهذه النمطية مفيدة غاية الفائدة لفهم الأسباب المسيرة للإنسان في اختيار مكان إقامته وطريقة تشييد منشآته.